شهد العراق بعد عام 2003 العديد من الممارسات الانتخابية إلا أن ما يؤخذ عليها هو تدني نسبة المشاركة تدريجياً الامر الذي يعكس عدم جدوى تلك العمليات في تحقيق نسبة مشاركة عالية. وإذا كان إجراء الانتخابات من شأنه الحفاظ على النسيج المجتمعي، وشعورالمواطن بأهمية دوره السياسي، وتخفيف الاحتقان السياسي والمجتمعي، والتأسيس لثقافة المشاركة الديمقراطية، فإن الانتخابات في العراق ومنذ انطلاقها في ظل الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة قد عملت على تمزيق النسيج المجتمعي؛ لأنها لم تأتي في ظروف موضوعية ولم تكن هناك تهيئة ديمقراطية لعقلية السياسي والناخب لإجرائها، بل كان هاجس الخوف من الآخر هو المسيطر، وبدلاً من شعور المواطن بأهمية دوره السياسي وانتماءه الوطني، بدأ يشعر بأهمية دوره الإثني وانتماءه الفئوي، فازداد الاحتقان السياسي والمجتمعي مما أدى إلى نشوب الحرب الاهلية (2006–2007) التي راح ضحيتها آلاف الابرياء من العراقيين، وبدلاً من التأسيس لثقافة المشاركة الديمقراطية تم التأسيس لثقافة إقصاء الآخر بأساليب ووسائل متعددة منها مبدأ توازن المكونات في الوظائف الحكومية، فكانت أهم نتائجها كثرة الخلافات بين الاحزاب الحاكمة، مما أطال في عمر الفترة الانتقالية التي يمر بها العراق في التحول نحو الديمقراطية ؛ لذلك نعتقد أن الانتخابات كآلية للتحول نحو الديمقراطية تبقى عاجزة عن تحقيق غاياتها، طالما أنها عجزت عن تغيير الطبقة السياسية الحاكمة في العراق بعد عام 2003، ولا سبيل للارتقاء بالديمقراطية كمنهج للحكم إلا بزيادة الوعي الديمقراطي لدى المواطنين، والانتخاب على أساس البرامج الانتخابية الواقعية، وابدال تلك الاحزاب التي فشلت بعد عقد كامل من حكمها في تحقيق أبسط مقومات الحياة الانسانية